تعريف الخسوف و الكسوف
ظاهرة الخسوف هي إحدى الظواهر الكونية التي تؤكد على عظمة الله تعالى وقدرته في تسيير الكون، حيث يقصد بالخسوف ذهاب ضوء القمر سواء بشكل كلي أو جزئي، وعلى الرغم من أن المصطلحين يتشابهان في المعنى؛ إلا أن الكسوف والخسوف في اللغة العربية يختلفان، فالكسوف يعني تغير شكل الشمس وحالته، أما خسوف القمر فيعني انجلاء ضوء القمر كلياً أو جزئياً.
صلاة الخسوف أو صلاة الكسوف هي معنيان لصلاة واحدة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم عند كسوف الشمس وخسوف القمر، وهي من السنن المؤكدة التي لها فضل عظيم.
واستخدم الكسوف و الخسوف في مواضع متشابهة، ومنها أن قيل خسوف الشمس وكسوف القمر، ففي حديث متفق عليه تروي أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بأن “خَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَدَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ وَهي تُصَلِّي، فَقُلتُ: ما شَأْنُ النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فأشَارَتْ برَأْسِهَا إلى السَّمَاءِ.(
كيفية صلاة الخسوف
تعتبر صلاة الخسوف والكسوف من السنن المؤكدة التي وردتنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فق\د قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا) متفق عليه.
وتفسير هذا الحديث بأنه كان يعتقد في العصر الجاهلي قبل ظهور الإسلام بأن ما يحدث من انجلاء لضوء القمر أو الشمس بأنه بسبب موت شخص أو اقتراب أجله، كما كان يعتقد أنه عند مولد شخص له شأن تحجب الشمس والقمر، ولكن أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم بطلان ذللك وأن الكسوف والخسوف إنما هم آيتين من آيات الله تعالى في الكون.
كما جاء في دليل حكمها ما روي عن أبي بكره نفيع بن الحارث رضي الله عنه كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حتَّى دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بنَا رَكْعَتَيْنِ حتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ(، وهو ما يدل على وجوب صلاة الخسوف والكسوف عند خسوف القمر وكسوف الشمس.
ولذلك فإن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الخسوف والكسوف إنما هو تأكيد على ايتجابة العباد لرب الكون وخضوعاً لعظمته، وخشية من غضبه وقدرته، فحينما تنجلي الشمس أو يحجب ضوء القمر لابد أن يفر الإنسان الى الله تعالى مصلياً ذاكراً وداعياً له طالباً العفو والمغفرة، وهو سبب سن صلاتي الخسوف والكسوف.
أما عن الكيفية فصلاة الخسوف هي ركعتين كل ركعة فيها قيام وركوعين وسجودين، بمعنى أن المسلم يتوضأ ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة ثم يركع ومن المفترض أن يكون ركوعاً طويلاً، ولا يسجد ثم يرفع فيقرأ الفاتحة ثم يكمل السورة التي بدأها أو يقرأ سورة أخرى ثم يركع ثم يسجد وهكذا في الركعة الثانية حتى يقول التشهد ويسلم.
وعن حديث كيفية الصلاة وقت الخسوف فقد روت عائشة رضى الله عنها “خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ وَهُوَ دُونَ الرُّكُوع الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الْأولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا الله وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا“ رواه البخاري.
بعض جوانب صلاة الخسوف
- الجهر والاسرار في الصلاة
من السنة في صلاة الكسوف والخسوف هو الجهر بالصلاة باعتبار أن الافضل هو صلاة الجماعة لها، وعلى الرغم من اتفاق العلماء على سنة جهريتها؛ إلا أن الشافعية قد قالوا بأنها صلاة سرية وليست جهرية ويستدل جمهور العلماء على جهرية صلاة الخسوف بحديث عائشة رضي الله عنها عن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها قالت: “جَهَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ“ رواه البخاري
ويستدل الشافعية على سرية صلاتي الكسوف والخسوف بحديث عن سمرة رضي الله عنه قال: “صلى بنا النبي في كسوف لا نسمع له صوتا“.” رواه أصحاب السنن.
- فضل جماعة صلاة الخسوف
من السنن المؤكدة في أن صلاتي الكسوف والخسوف هو أن تصلى جماعة في مسجد، ولكن إذا لم يجد المسلم جماعة لصلاتها فيجوز له أن يصليها فرادي وفي منزله أو أي مكان، ولكن اختلف أصحاب المذاهب الأربعة في جماعة صلاة الخسوف على النهج التالي
- الحنفية والمالكية يرون أن صلاة الخسوف هي صلاة فردية يجب أن يصليها كل إنسان لوحده.
- الحنابلة والشافعية الذين أكدوا بسنية جماعة صلاة الكسوف والخسوف، حيث رأوا أن من الأفضل أن يكون صلاة الخسوف والكسوف في المسجد وفي جماعة.
- خطبة صلاة الخسوف
تعتبر خطبة الخسوف من الموضوعات الشائكة التي مازالت محل خلاف بين علماء المسلمين والمذاهب الأربعة، وعلى الرغم من أن جمهور العلماء اتفق على فضل خطبة صلاة الخسوف استناداً لما روي عن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد صلى صلاة الخسوف ثم خطب بالناس بعدها، والخلاف على خطبة صلاة الخسوف كالتالي
- الفريق الثاني وتأكيد سنة خطبة الخسوف وهو مذهب الشافعية استناداً من روايات خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم لخطبة صلاة الخسوف عن عظمة الله وقدرته وآياته في الكون.
- الفريق الثاني وتأكيد عدم وجوب خطبة بعد أداء صلاة الخسوف في المسجد، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وفسروا حديث خطبة النبي صلى الله عليه بعد صلاة الخسوف بأنه كان لتوضيح النبي للصحابة والتابعين بعض الأحكام، وتفسير أركان الصلاة وأسباب صلاتها والفضل فيها.
- الفريق الثالث واتخذ موقفاً وسطاً وهم المالكية حيث يرون بأن خطبة صلاة الخسوف مستحبة وليست واجبة من باب أنها بمثابة دعوة للمسلمين وإيقاظ لنفوسهم ومحاولة في تذكيرهم بالله وقدرته وأهمية عبادته.
وقد رأى المالكية بأن خطبة الخسوف لا تشبه خطبة صلاة الجمعة فهي لا تكون من خطبتين ويستريح بينهما الخطيب بل تكون من خطبة واحدة، بل خطبة صلاة الخسوف هي أشبه ما تكون بحلقة وعظ ونصح ودعوة لله تعالى.
- النداء لصلاة الخسوف
حيث أنه من الواجب في صلاة الخسوف أن ينادي المؤذن أو المنادي بأن صلاة الخسوف ستكون جامعة حيث روي الإمام البخاري رضي الله عنه عن السيدة عائشة رضي الله عنه بأنها قالت بأن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خسفت الشمس فقام الرسول بإرسال منادي ينادي في الناس ويقول الصلاة جامعة، وبالتالي كان النداء لصلاة الخسوف والكسوف من الأمور المستحبة حتى يصلى الجميع في جماعة.
وعلى الرغم من أن الصلاة وقت الخسوف ينادى لها للجميع إلا أنها ليست صلاة مفروض لازمة كالفرائض الخمس، لذلك لا يأثم من يتركها أو من لا يجيب النداء لها.
فضل صلاة الخسوف
تعتبر صلاة الخسوف والكسوف من السنن المؤكدة التي وردت الينا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ونقلها الصحابة والتابعين، لما لها من فضل في الخضوع لقدرة الله تعالى، فهي امتثال لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم وكسب لشفاعته من خلال القيام بما قام عند رؤيته لهذه الظواهر الكونية التي تمثل أبلغ تمثيل لقدرة الله في الكون.
كما أن في الصلاة للخسوف خير تحقيق لخضوع الإنسان الضعيف وعبوديته لله تعالى، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم روى في حديثه عن خسوف القمر وكسوف الشمس بأنها آيتين يخوف الله تعالى بهما عباده ويطلب منها الخضوع له والامتثال لأوامره.
ويطلب الله تعالى من عباده أن يلجؤوا اليه بالدعاء والعبادة، والتضرع اليه وطلب العفو والمغفرة، لأن خسوف القمر والشمس هما آيتان يدلان على قدرة وجبروت الله تعالى، فالمؤمن يخشى ذلك ويتضرع لله تعالى بالدعاء حتى يرحمه، لأنه قادر على أن ينزل بهم العقاب دون رحمة.
أما عن وقت صلاة في حال الخسوف فلابد أن تبدأ الصلاة بمجرد خسوف القمر أو كسوف الشمس ولا ينتهي المسلم من الصلاة إلا بانتهاء الكسوف أو الخسوف، وهنا تأكيد على أن الصلاة تستمر طوال فترة حدوث انجلاء الضوء طلباُ للعفو من الله وخوفاً منه وتضرعاً اليه.
وفي حالة عودة ضوء القمر وانتهائه تكون الصلاة فائتة ولا يمكن قضائها، وكذلك في عودة ضوء الشمس أو غروبها يكون الصلاة فائتة ولا يمكن قضائها، وهكذا الخطبة التي تلي الصلاة للخسوف تفوت بمجرد انتهاء الخسوف.
إقرأ أيضاً : صلاة الضحى كيفيتها وعدد أركانها وفضلها
وأخيراً، شكرا لكم لقراءة المقال حتى النهاية، يمكنك قراءة المزيد من المقالات من المقالات الدينية من هنا.. مقدمة لكم من أكاديمية مجتهد.