سورة الزلزلة أفضالها وفضل المداومة عليها

سورة الزلزلة أفضالها وفضل المداومة عليها

سورة الزلزلة هي واحدة من السور المكية في القرآن الكريم، تعددت الآراء والأحاديث حول فضائل هذه السورة وفضل المداومة على قراءتها، لكنها تحمل الخير وعظيم الأجر لمن يداوم على قراءتها.

مقصود سورة الزلزلة

تعتبر سورة الزلزلة هي السورة الرابعة والتسعين في النزول على الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي ترتيب المصحف العثماني الشريف تأتي في المرتبة التاسعة والتسعين، وهي سورة مكية تتضمن ثماني آيات وتقع في الربع السابع من الحزب الستين في الجزء الثلاثين.

تعرف سورة الزلزلة في اكثير من المؤلفات القديمة الواردة الينا بأنها سورة إذا زلزلت، حيث سميت في الكثير من التفاسير بهذا الاسم، وأيضاً من اسمائها سورة الزلزال، كما أنها سميت في أحد المصاحف القديمة التي عثر عليها في مدينة القيروان باسم زلزلت.

تتضمن السورة الكثير من المعاني والفضائل التي اشتملت عليها لزرع العقيدة الإسلامية في نفوس المسلمين قبل الهجرة الى المدينة المنورة، حيث تضمنت الكثير من أسس العقيدة حول يوم القيامة والحساب والثواب، كما تتضمن السورة تأكيد على أن الثواب من جنس العمل فمن يعمل خيراً يجد ومن يعمل شراً يجد.

كما أن سورة الزلزلة هي تمثيل دقيق لما سيحدث يوم القيامة، فيخبرنا الله تعالى على أن يوم القيامة ستزلزل الأرض لتخرج كل ما فيها ليعجب البشر من هول ما سيشاهدونه ويتساءلون عن ماذا يحدث حولهم، ولكنه يوم انتهاء كل شيء، لبدء يوم الحساب ليُجزي كل إنسان عما فعل في حياته.

تفسير السورة

تتضمن السورة ثماني آيات وهم “إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا(1)  وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا  (3)يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا(5)  يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)”.

في الآية الأولى ” إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا” تعني أن الله سبحانه وتعالى سيحرك الأرض حركة شديدة تبلغ قوتها قوة الزلازل، وهذه الزلزلة الأولى هي بمثابة الإشارة الأولى لانتهاء الحياة وفناء الدنيا.

وتأتي الآية الثانية ” وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا” لتبين أن الأرض حينما سيحركها الله سبحانه وتعالى تحريكاً شديداً ستبلغ قوتها قوة الزلزال الذي سيفجر كل ما في باطن الأرض لتلقي الأرض كل ما فيها، سواء كان ما فيها من البشر أو من الجماد أو من الحيوان والنبات، كما ستخرج  كل ما في باطنها من موتى ومن كنوز ومعادن.

أما في الآية الثالثة فيقول تعالى ” وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا” حيث يبدأ البشر بالتعجب من هول ما يروا، فيبدأ الكفار من أنكروا وجود الله ومن أنكروا البعث والقيامة والحساب للتساؤل ولتعجب عن ما يحدث، لتأتي الآية الرابعة لتجيب عليهم فيقول تعالى ” يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا” حيث ستخبرهم بما فعلوا عليها من شر أو خير.

وفي الآية الخامسة في قوله تعالى ” بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا” حيث تخبر الأرض الكفار والمشركين ممن أشركوا بوجود الله وقدرته بأن الله تعالى أمرها بذلك لتخرج كل من في باطنها استعداداً ليوم القيامة، وفي الآية السادسة ” يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ” يومئذ يدل على يوم الحشر حيث سيبعث الناس متفرقين للاطلاع على أعمالهم والحساب.

وفي الآية السابعة والثامنة ” فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)” تأكيد على أن الله ليس بظلام للعبيد، فكل إنسان سيحاسب على عمله وسيجزى على ما فعل، من أتي بخير فيجزى به ومن أتى بشر فسيجزى به حتى لو كان هذا العمل أصغر من حجم الذرة التي لا تري بالعين.

سبب نزول السورة

جاء في أسانيد العلماء وأئمة الأمة عن الصحابة والتابعين بأن سورة الزلزلة نزلت في مكة قبل الهجرة حيث كان الكفار في مكة في أشد قوتهم، وكانوا دائماً ما يسخرون من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من المسلمين فيسألونه عن موعد يوم القيامة والحساب.

ويذكر في نزول جبريل بالوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسورة الزلزلة كان أبو بكر الصديق في بيت رسول الله وحينما سمع لسورة بكى بكاءً شديداً فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن سبب بكاءه فقال له أبو بكر رضي الله عنه “لقد أبكتني هذه السورة، فرد عليه رسول الله قائلاً ” لو أنَّكُمْ لا تُخْطِئونَ ولا تُذْنِبونَ لخلَقَ اللهُ تعالى أُمَّةً من بعدِكم يُخْطِئُونَ ويُذْنِبونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ” رواه عبدالله بن عمرو.

فضائل سورة الزلزلة

اختلفت الأحاديث الواردة عن فضائل سورة الزلزلة في مدى صحتها والتحقق منها، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها من السور القليلة التي ورد في حقها الكثير من الفضائل ودارت حولها التفاسير لتؤكد أنها تحمل فضل عظيم لقارئها.

فق جاء في فضل سورة الزلزلة بأنها تعدل نصف القرآن بحسب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي رواه الترمذي عن أنس بن مالك فيقول صلى الله عليه وسلم “من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون عدلت له بربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن، وهو ما كان موضع خلاف بين العلماء والرواة، حيث أنكر هذا الحديث البخاري وابن حبان وأضعفه الألباني.

وفي رواية أخرى يقول أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال لرجل من أصحابه “هلْ تَزَوَّجْتَ يَا فُلاَن ؟ ” قَالَ : لاَ وَالَّلهِ يَا رَسُولَ الَّلهِ ، وَلاَ عِنْدِي مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ قَالَ : ” أَلَيْسَ مَعَكَ ( قُلْ هُوَ الَّلهُ أَحَدٌ ؟ ) ” قَالَ : بَلَى ، قَالَ : ” ثُلُثُ القُرآنِ ” ، قَالَ : ” أَلَيْسَ مَعَكَ إِذَا جَاءَ نَصْرُ الَّلهِ وَالفَتْحُ ؟ ” قَالَ : بَلَى ، قَالَ : ” رُبْعُ القُرآنِ ” ، قَالَ ، ” أَلَيْسَ مَعَكَ قُلْ يَأَيُّهَا الكَافِرُونَ ؟ ” قَالَ : بَلَى ، قَالَ : ” رُبْعُ القُرآنِ ” ، قَالَ : ” أَلَيْسَ مَعَك “َ إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا ؟ ” قَالَ : بَلَى ، قَالَ : ” رُبْعُ القُرآنِ ، تزوج ” ( أخرجه الترمذي.

كما جاء في حديث عن علي بن ابي طلب بقوله “يا علي من قرأها فله من الأَجر مثلُ أَجر داود، وكان في الجنَّة رفيق داود، وفتح له بكلّ آية قرأها في قبره باب من الجنَّة”، وهو من الأحاديث التي أنكرها أهل العلم والمحدثين.

أما عن الأحاديث التي ثبتت عدم صحتها حول فضائل سورة الزلزلة فكان منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها بقوله “من كتبها وعلّقها عليه أو قرأها وهو داخل‏ على سلطان يخاف منه ، نجا ممّا يخاف منه ويحذر ، وإذا كتبت على طشت جديد لم يستعمل ونظر فيه صاحب اللّقوة أزيل وجعه بإذن اللّه تعالى بعد ثلاث أو أقل”.

كما روي أحد الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سمعه يقرأ في ركعتي الصبح سورة الزلزلة وروي أنه لم يدرك هل هو نسيان من الرسول أم تعمد قراءتها في الركعتين، ليدلل منه على فضل قراءتها في صلاة الصبح، وهو ما أكد سعيد بن المسيب رضي الله عنه بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعتي الفجر بسورة الزلزلة.

كما أن أبي أمامه رضي الله عنه قال أن رسول الله صلي عليه وسلم كان دائماً ما يقرأ في ركعتين بعد الوتر سورة الزلزلة والكافرون، وتأتي كل هذه الروايات سواء كانت ضعيفة أو صحيحة لتثبت الفضل لذي ميز به الله تعالى لسورة الزلزلة مع قلائل السورة الاخرى مثل الإخلاص والكافرون والبقرة.

ومن الدلائل على فضل سورة الزلزلة بأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا دائماً ما يذكرون سورة الزلزلة بالخير والفضل العظيم وكانوا دائماً ما يربطون بين آياتها وبين المواقف التي يعيشونها، فها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يمسك في يده عنقود عنب وجاءه مسكين فأعطى له عنقود لعنب كله وقال: فيه مثاقيل ذر كثيرة” ورد في الدرر المنثور للسيوطي.

العبر من سورة الزلزلة

تشتمل سورة الزلزلة على الكثير من العبر والعظات التي لا بد أن ينتبه اليها المسلم، فالفضل في السورة لا يرجع لكونها تكشف مرضاً أو تزيل هماً أو تفرج كرباً بل لأنها تزيح الغطاء عن أعيننا لنستفيق من الغفلة وندرك قدرة الله تعالى وأن يوم القيامة أتي لا محالة.

فالسورة تصور لنا ما سيكون عليه يوم القيامة من هول المنظر فالأرض طاعة لله تعالى وعند أمرها بأن تتحرك لتخرج كل ما في باطنها تستجيب حيث يخرج كل ما في باطنها من أجداث وأموات ونباتات وكنوز ومعادن وجمادات، وينطق كل من عليها ليشهد على الإنسان وكفره.

فقد روي أبو هريرة رضى الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قرأ الآية الثالثة من سورة الزلزلة وقوله تعالى “يومئذ تحدث أخبارها”، وفسرها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها ستشهد على كل من عاش عليها، وستدلي بخبر كل عبد أو أمة خلقهما الله تعالى على الأرض، فالخبر سيكون بكل عمل وتفاصيله بوقته بمكانه وبخيره وشره.

كما أن سورة الزلزلة تحمل الكثير من المواعظ والعبر ليتعظ الإنسان فالله تعالي يخبره بأن كل ما ستعمله سيجزى به، ووضع له أسباب النجاة والفوز بالدنيا والأخرة فمن عمل بها استحق الفوز، وبين له أسباب الشر والخسران  فمن عمل بها فيستحق ما سيجزى به من عذاب.

وتحث السورة على عدم امتهان أي عمل كان سوء خير أو شر، فالإنسان سيحاسب على كل مثقال ذرة فعلها، وتؤكد أيضاً على عدم التهاون في حق الله تعالى فقد حذرنا الله سبحانه وتعالى من صغائر الذنوب وحذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه “إيَّاكم ومُحقَّراتِ الذُّنوبِ” حديث صحيح.

إقرأ أيضاً : تعرف على فضل سورة الكهف والمداومة عليها

  وأخيراً، شكرا لكم لقراءة المقال حتى النهاية، يمكنك قراءة المزيد من المقالات من المقالات الدينية من هنا.. مقدمة لكم من أكاديمية مجتهد

1131 مشاهدة