ننشر مجموعة من أدعية العمرة والحج بين الناس في مواطن السعي والطواف وغير ذلك، منها ما هو صحيح وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو دون ذلك.
لا شك أن التمسك بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه كل الخير، خاصة فيما يتعلق بالأذكار، أما الأدعية فإنه يجوز للحاج والمعتمر أن يدعو الله بما يشاء ولا يلزمه التقيد بأدعية معينة، فإن الله لا ينظر إلى نَظْم الدعاء ولكن إلى قلب الداع.
أدعية العمرة والحج
تشترك العمرة والحج في الكثير من الشعائر، إلا أن أركان الحج تزيد عنها، ولهذا فإن هناك توافق بين أدعية العمرة والحج في الكثير من المواطن، منها التلبية عند الإحرام على سبيل المثال، فالإحرام من واجبات الحج والعمرة معاً، ومنها أيضاً الدعاء أثناء السعي والدعاء حال الوقوف على الصفا أو المروة وعند الطواف، وأيضاً الدعاء عند شرب ماء زمزم، أما مواضع الدعاء الخاصة بالحج دون العمرة فهي الدعاء يوم عرفة وفي المزدلفة وأيام التشريق الثلاث.
الابتداع في أدعية العمرة والحج
يقع بعض المسلمين في بعض البدع فيما يخص أدعية العمرة والحج بحسن نية ودون قصد، ولكن علماؤنا اتفقوا على أن النية الصالحة لا تصلح العمل الفاسد، وأن الخير كل الخير في الاتباع لا الابتداع، ومن هذه البدع الشائعة: تخصيص كل شوط من أشواط الطواف بدعاء معين (دعاء الشوط الأول، ودعاء الشوط الثاني، وهكذا)، وهذا لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه.
فضل الدعاء في العمرة والحج
حث الله سبحانه وتعالى عباده على اللجوء إليه والتضرع له بالدعاء في الرخاء والشدة، ووعدهم بإثابتهم عليه واجابه سؤلهم، وهو ما يظهر جلياً في نصوص الشريعة في شأن التعظيم من فضل الدعاء ومنزلته، ولا شك أنه في العمرة والحج أعظم؛ فالحاج أو المعتمر يكون مسافراً والمسافر دعاؤه مستجاب بإذن الله، وأيضاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “الغازي في سبيل الله، والحاج والمعتمر وفد الله، دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم”.
الدعاء عند الإحرام
من الأمور المشتركة في أدعية العمرة والحج معاً الدعاء عند الإحرام، وهو من السنن الثابتة، فعن سالمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أبيه رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهِ عليه وسَلَّم يُهِلُّ مُلَبِّدًا، يقول: لبَّيك اللَّهُمَّ لبَّيْك، لبَّيْك لا شريكَ لك لبَّيْك، إنَّ الحمْدَ والنِّعمَةَ لك والمُلْك، لا شريكَ لك. لا يزيدُ على هؤلاءِ الكَلِماتِ”، والتلبية معناها لغةً: إجابةُ المنادي، وتُطْلَقُ أيضاً على الاستمرار والإقامَةِ على الطَّاعَةِ.
الدعاء والذكر في الطواف
يستحب أثناء الطواف الإكثار من الذكر والدعاء، وهو ما اتفقت عليه المذاهب الأربعة؛ لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم كما توارثه الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم، ولم ترد صيغة معينة للدعاء في الطواف، بل يشرع للطائف أن يسأل الله ما يريد من أمور الدنيا والآخرة، والمأثور فقط عن النبي الدعاء بين الركنين، ففي الحديث الصحيح عن عبدِ اللهِ بنِ السَّائبِ قال: “سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول ما بين الرُّكْنينِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
الدعاء على الصفا والمروة
يُشْرَعُ للحاج والمعتمر إذا اقترب مِنَ الصَّفا أن يقرأَ قَوْلَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ}، ويستحب الإكثار مِنَ الذكر والدعاء أثناء السَعْي، ومن ذلك: “ربِّ اغِفْرِ وارحَمْ؛ إنَّك أنت الأعزُّ الأكرمُ”.
يقول جابر ابن عبد الله رضي الله عنه واصفاً حجة النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح مسلم: “ثمَّ خرج مِنَ البابِ إلى الصَّفا، فلمَّا دنا مِنَ الصَّفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أبدأُ بما بدأ اللهُ به، فبدأ بالصفا، فرقى عليه حتى رأى البيت، فاستقبل القبلة، فوحد الله، وكبَّره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك، قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل المروة حتى إذا انصبَّت قدماه في بطن الوادي سعى، حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل في الصفا”.
ومعنى (انصبت قدماه): أي انحدرت في المسعى، أما (صعدتا) فتعني: ارتفاع قدميه عن بطنِ الوادي، وخروجه منه إلى الطرف الأعلى.
الدعاء المأثور عن السلف في السعي
من الآثار الصحيحة الواردة عن السلف الصالح في أدعية العمرة والحج ما جاء عن مسروق -أحد كبار التابعين-أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يقول في السعي بين الصفا والمروة: “اللهم اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم”، وصَحَّ أيضاً أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يدعو قائلاً: “اللهم إنك قلت: ادعوني أستجب لكم، وإنك لا تخلف الميعاد، وإني أسألك كما هديتني للإسلام ألا تنزعه مني حتى تتوفاني وأنا مسلم”.
الدعاء يوم عرفة
يوم عرفةَ هو اليوم التَّاسِعُ مِن شهر ذي الحِجَّةِ، أما عرفات أو عرفة فهو مكان وقوف الحجيج في هذا اليوم، ويبعد 23 كيلومتر تقريباً شرقي مكة، وورد في فضل هذا اليوم الكثير من الأحاديث الصحيحة، منها: عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “ما مِن يومٍ أكثَرَ مِن أن يُعْتِقَ اللهُ فيه عبدًا مِنَ النَّارِ، من يومِ عَرَفةَ، وإنَّه لَيَدْنو، ثم يُباهِي بهم الملائكةَ، فيقول: ما أرادَ هؤلاءِ؟”.
ولهذا فإنه يستحب في يوم عرفة أن يكثر الحاج –وغير الحاج-من الذكر والدعاء والتلبية، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، وقد مكث عليه الصلاة والسلام في عرفة من الزوال على ناقته رافعاً يديه إلى صدره يدعو الله مبتهلاً إلى أن غربت الشمس.
الدعاء عند المشعر الحرام
من المستحبات عند نفير الحجيج إلى مزدلفة بإجماع العلماء الإكثار من الدعاء والذكر والتكبير والتهليل، فعن جابر رضي الله عنه: (ثم ركب القصواء حتى إذا أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً”، وعن الفَضل بن العباسِ رَضِيَ اللهُ عنهما: “أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزَلْ يُلَبِّي حتى رمى الجَمْرةَ”.
أما من كتاب الله، فقد قال الله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، واستدل منها العلماء على مشروعية واستحباب الإكثار من التهليل والتسبيح والدعاء عند التوجه من عرفة إلى المشعر الحرام وحال المبيت في مزدلفة.
الدعاء في أيام التشريق
يستحب للحاج التكبير عند رمي الجمرات وإطالة الادعاء والتضرع لله تعالى عند الأولى والثانية –الصغرى والوسطى-؛ فعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: “أفاضَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن آخِرِ يَومِه حين صلَّى الظُّهرَ، ثمَّ رجعَ إلى مِنًى فمَكَثَ بها لياليَ أيَّام التَّشْريق، يرمي الجَمرةَ إذا زالَتِ الشَّمسُ، كلَّ جمرةٍ بسَبْعِ حَصَياتٍ، يُكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ويقِفُ عند الأولى والثانية فيُطيلُ القيامَ ويتضَرَّعُ، ويرمي الثالثةَ ولا يقِفُ عِندَها”.
أدعية عامة في العمرة والحج
يستحب للحاج أو المعتمر أن يحسن استغلال هذه الشعائر والأماكن المقدسة بأن يكثر من الدعاء والإلحاح على الله بما يرغب فيه من متاع الدنيا والآخرة، سواء كان دعاءه من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح والتي لا تندرج تحت أدعية العمرة والحج، أو كانت غير ذلك، ومن الأدعية الجامعة ما يلي:
- اللهم إني أسألك الرضى بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، وأعوذ بك أن أَظلم أو أُظلم، أو أَعتدي أو يُعتدى علي، أو أكتسب خطيئة أو ذنبا لا تغفره.
- اللهم اهدني لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئتها لا يصرف عني سيئتها إلا أنت.
- اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، ويا مصرف القلوب صرف قلبي إلى طاعتك.
- ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.
- اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
- رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.
- اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا حاجة من حوائج الدنيا لنا فيها خير ولك فيها رضا إلا قضيتها ويسرتها يا رب العالمين.
- ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين.
- رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء.
- اللهم إني أعوذ بك من القسوة والغفلة والذلة والمسكنة، وأعوذ بك من الكفر والفسوق والشقاق والسمعة والرياء، وأعوذ بك من الصمم والبكم والجذام وسيئ الأسقام.
- اللهم أحسن خاتمتي ولا تتوفني إلا وأنت راضٍ عني، وأجرني من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
إقرأ أيضاً : حصن المسلم دليل كامًلا لكل مسلم مواقع و تطبيقات
وأخيراً، شكرا لكم لقراءة المقال حتى النهاية، يمكنك قراءة المزيد من المقالات من المقالات الدينية من هنا.. مقدمة لكم من أكاديمية مجتهد.