تتميز سورة الرحمن بكونها من السور المكية، وتعد السورة من أوائل السور التي نزلت على النبي، وهي قد تمت تسميتها باسم الرحمن وهو من أحد أسماء الله الحسنى.
وتتميز آياتها بتواجد نسق وترتيب خاص ومميز، كما أنها من السور التي ذكر فيها الكثير من نعم وآلاء الله سبحانه وتعالى والتي طلب من الجن والإنس أن يكذبوا بوجود وحقيقة هذه النعم وفي هذا مخاطبة لكلا النوعين الإنس والجن ولذلك فهي تعد تأكيد وإثبات فعلي لوجود الجن.
ولقد ورد عن هذه السورة الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة عنها وعن فضلها كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم في كتاب التفسير، وفي السطور التالية شرح تفصيلي لكل ما يخص سورة الرحمن.
أسباب نزول سورة الرحمن
- ومن الأسباب الرئيسية لنزول سورة الرحمن هو القول الذي قيل للمشركين أن: اسجدوا للرحمن. فقال أحدهم: وما الرحمن؟ ولهذا نزلت السورة ردا على سؤاله، حيث أن من آياتها قول الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا}.
- وقد قيل أن أحد الأسباب الهامة التي نزلت من أجلها السورة هي حديث المشركين عن الرسول صلى الله عليه وسلم: “إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ” وهو الذي قالوه وقد ورد عنهم فبدي سورة النحل، وهو قول الرحمن تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } وذلك يرجع إلى اهتمامهم بمن يقوم بتعليم القرآن للنبي أكثر من اهتمامهم بالقرآن الكريم نفسه، ولكن جاء الرد على هذه الآية وهذا القول في سورة الرحمن وهو قول الله تعالى: { الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ }.
- ويقال إن من أحد أسباب نزولها أيضا هو تذكر أبا بكر الصديق ليوم القيامة كما أنه قد تذكر الجنة والنار فرد قائلا: “وددتُ أني كنتُ خضراءَ من هذه الخضر تأتي على بهيمة تأكلني، وأني لم أُخلَق”.
فأتت الآية في قول الله تعالى: { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ }.
سبب تسميتها بـهذا الإسم
ولقد تمت تسميتها كما ذكرنا سابقا بأحد أسماء الله الحسنى وهو الاسم الصحيح لها كما أنها تبدأ في أول السورة باسم الرحمن مما يؤكد على دلالة أن اسم الرحمن هو الاسم الصحيح لها، وهو ما ورد عن الأحاديث النبوية التي تتواجد في داخل كتاب التفسير.
وقد قيل عن الترمذي والذي قال عن جابر أنه، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بعدها قراءة سورة الرحمن، وقد قال عنها النبي أن: ( لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن ) وهو ما أطلق عليه اسم عروس القرآن.
إقرأ أيضاً : المحسود او المصاب بالعين الأعراض وطرق العلاج
سورة الرحمن مكية أم مدنية
لقد اختلفت الأقوال على كون نزول سورة الرحمن كان في المدينة أم أنها نزلت في مكة، ولقد قام البعض الغالب بالترجيح على أنها قد نزلت في مكة، والدليل على ذلك أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قد قام بقراءتها بشكل جهوري وعلى مسمع واضح من جانب قريش.
ويقال أنه عندما علا صوته فيها، قاموا بضربه وقاموا بإحداث أثر واضح وظاهر على وجهه، وفي هذا دليل على أن سورة الرحمن قد تم تنزيلها قبل الهجرة وذلك بسبب شهادة الكثير من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحادثة، وهو الأمر الذي جعل الصحابة في ترجيح أكثر لمكة على الرغم من وجود نسخ من داخل المصحف الشريف والتي تقوم بتصنيفها على أنها سورة مدنية.
مميزات سورة الرحمن :
تتميز سورة الرحمن بعدة نقاط متنوعة ومحببة، مثل:
- لقد كان افتتاحها باسم الله الحسنى (الرحمن) له الكثير من التميز والتقدم عن غيرها من بقية السور الأخرى، وهي أيضا تتميز بحسن وجمال أسلوبها.
- لقد كان في تكرار قول الله تعالى في الآية: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بمقدار ٣١ آية الدلالة الكافية على مقدار الامتنان والتعظيم للنعم التي خلقها الله جميعا على هذه الأرض، كما أنها كانت تحتوي على الدلالة للأسلوب العربي العظيم والرفيع الشأن.
- لقد احتوت السورة على أسلوبين متناقضين وهما أسلوبي الترهيب والترغيب، وهذا من الدلالات القوية على روعة هذه السورة، فهي كانت تقوم بذكر الحال التي سوف يعاني منها المعذبين والأشقياء في جهنم من فزع ورعب وعذابات شاقة وكثيرة في يوم القيامة، وعلى الجانب الآخر قامت بوصف حال السعداء والمنعمين في الجنان والخير الكثير والذي لا ينتهي بشكل تفصيلي بشيء من الإسهاب.
- وقد ذكر الله تعالى في هذه السورة الكثير من النعم التي خلقها ومن هذه النعم التي ذكرها نعمة تعليم القرآن.
- قامت السورة بوصف القوة والقدرة الهائلة لله عز وجل، كما أنها قامت بعرض وشرح مفصل عن تسيير الأفلاك الكونية التي تتواجد في السماء كما أنها روت أيضا القدرة على تسخير السفن ومن ثم وصفت بعدها استعراضا يصف الكون بشكله الكامل وكل ما يحدث فيه من أمور معروفة وقد تمت مشاهدتها بالفعل.
- كما أن أسلوبها بديع كما ذكرنا من قبل، فهي تتميز بالتناسق والترتيب فيما بين كلماتها والإيقاعات المناسبة والتي تخص الفواصل المتواجدة فيما بين الآيات، كما تمت ملاحظة النسق الخاص بها بشكل فعلي.
فضائل سورة الرحمن :
- لقد جاء في الفضائل التي تخص بعض السور الكثير من الأحاديث النبوية التي قد تم اعتمادها من الأحاديث الصحيحة أو أحاديث أخرى تم اعتمادها متوسطة وهناك الكثير من الأحاديث الضعيفة والتي تخص سورة الرحمن، حتى الحديث الذي يقول عنها وعن أنها عروس القرآن هو حديث ضعيف أيضا.
- ولقد تحقق هذا التضعيف عن طريق النابغة المعروف الألباني، كما جاء حديث صحيح يقوم بذكر هذه السورة وهو: ( أنَّ رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قرأَ سورةَ الرَّحمنِ على أصحابِهِ فسَكتوا فقالَ ما لي أسمعُ الجنَّ أحسنَ جوابًا لربِّها منكُم ما أتيتُ على قولِه اللَّهِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ إلا قالوا: لا شيءَ من آلائِكَ ربَّنا نُكذِّبُ فلَكَ الحمدُ ).
- ويقال في ذكر حديث ضعيف آخر، عن جابر أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خرج على أصحابه ومن ثم قرأ عليهم سورة الرحمن من بدايتها وحتى وصل إلى نهايتها فسكتوا أجمعهم.
- فقال:( لقد قرأتُها على الجنِّ ليلةَ الجن، فكانوا أحسن مردودًا منكم، كنت كلما أتيتُ على “فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ” قالوا: لا بشيءٍ من نعمِك ربَّنا نُكذِّب، فلك الحمد).
- ومن الأحاديث الضعيفة التي وردت عن السورة أيضا، هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قارئ الحديد وإذا وقعت الواقعة والرحمن يدعى في ملكوت السماوات والأرض ساكن الفردوس).
أسلوب التكرار في هذه السورة:
يتنوع أسلوب التكرار ما بين تكرار موصول ما بين التكرار المفصول، وهنا في سورة الرحمن قد تميزت بتواجد أسلوب التكرار المفصول، وهو ما قد ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن الكريمة عندما قال: { فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }، ولقد تكررت هذه الآية .
كما قد قمنا بذكرها سالفا حوالي واحد وثلاثين مرة، وقد أتى في الفائدة التي قام عليها تكرار هذه الآية، فقال ابن الجوزي رحمه الله أن هذا التكرار فيه من التقرير للنعم التي خلقها الله سبحانه وتعالى إضافة على ذلك التأكيد الذي أتى محاولا بذلك أن يؤكد على التذكير بها.
إقرأ أيضاً : فضل الصدقات وأنواعها وأحاديث نبوية لها
وأخيراً، شكرا لكم لقراءة المقال حتى النهاية، يمكنك قراءة المزيد من المقالات من المقالات الدينية من هنا.. مقدمة لكم من أكاديمية مجتهد.